سورة التوبة - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)}
{اشتروا} استبدلوا {بآيات الله} بالقرآن والإسلام {ثَمَناً قَلِيلاً} وهو اتباع الأهواء والشهوات {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ} فعدلوا عنه أو صرفوا غيرهم. وقيل: هم الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان وأطعمهم {هُمُ المعتدون} المجاوزون الغاية في الظلم والشرارة.


{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)}
{فَإِن تَابُواْ} عن الكفر ونقض العهد {فَإِخوَانُكُمْ فِي الدين} فهم إخوانكم على حذف المبتدأ، كقوله تعالى: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم} [الأحزاب: 5]، {وَنُفَصّلُ الايات} ونبينها. وهذا اعتراض، كأنه قيل: وإن من تأمّل تفصيلها فهو العالم بعثاً وتحريضاً على تأمّل ما فصل من أحكام المشركين المعاهدين، وعلى المحافظة عليها.


{وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)}
{وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ} وثلبوه وعابوه {فقاتلوا أَئِمَّةَ الكفر} فقاتلوهم، فوضع أئمة الكفر موضع ضميرهم: إشعاراً بأنهم إذا نكثوا في حال الشرك تمرّداً وطغياناً وطرحاً لعادات الكرام الأوفياء من العرب، ثم آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصاروا إخواناً للمسلمين في الدين، ثم رجعوا فارتدوا عن الإسلام ونكثوا ما بايعوا عليه من الإيمان والوفاء بالعهود، وقعدوا يطعنون في دين الله ويقولون ليس دين محمدبشيء، فهم أئمة الكفر وذوو الرياسة والتقدم فيه، لا يشق كافر غبارهم. وقالوا: إذا طعن الذمي في دين الإسلام طعناً ظاهراً، جاز قتله؛ لأن العهد معقود معه على أن لا يطعن، فإذا طعن فقد نكث عهده وخرج من الذمّة {إِنَّهُمْ لا أيمان لَهُمْ} جمع يمين: وقرئ: {لا إيمان لهم، أي لا إسلام لهم} أو لا يعطون الأمان بعد الردّة والنكث، ولا سبيل إليه، فإن قلت: كيف أثبت لهم الإيمان في قوله: {وَإِن نَّكَثُواْ أيمانهم} ثم نفاها عنهم؟ قلت: أراد أيمانهم التي أظهروها ثم قال لا إيمان لهم على الحقيقة، وأيمانهم ليست بأيمان. وبه استشهد أبو حنيفة رحمه الله على أن يمين الكافر لا تكون يميناً. وعند الشافعي رحمه الله: يمينهم يمين. وقال: معناه أنهم لا يوفون بها، بدليل أنه وصفها بالنكث {لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} متعلق بقوله {فقاتلوا أَئِمَّةَ الكفر} أي ليكن غرضكم في مقاتلتهم بعد ما وجد منهم ما وجد من العظائم أن تكون المقاتلة سبباً في انتهائهم عما هم عليه. وهذا من غاية كرمه وفضله وعوده على المسيء بالرحمة كلما عاد.
فإن قلت: كيف لفظ أئمة؟ قلت: همزة بعدها همزة بين بين، أي: بين مخرج الهمزة والياء. وتحقيق الهمزتين قراءة مشهورة، وإن لم تكن بمقبولة عند البصريين. وأما التصريح بالياء فليس بقراءة. ولا يجوز أن تكون قراءة. ومن صرح بها فهو لاحن محرف.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8